أوتذكرنى

أوتذكرنى

الثلاثاء، 16 أكتوبر 2018

التقيته بعد صلاة الصبح//بقلم الاديب//عمر ضاهر

التقيته بعد صلاة الصبح وقد رسمت الشمس في الأرجاء ابتسامة الأمل وهي ترسل أشعتها الذهبية مبشرة ببداية يوم جديد أفضل وأجمل بإذن الله .. فقلت له : تأمل هذا المشهد الساحر الذي يغمر النفوس والأرواح بالأمل بالخير القادم .. فقال لي ووجهه يكسوه العبوس والقنوط عن أي أمل تتحدث وعن أي قادم أجمل ؟ ألم تصحُ بعد من أحلامك الوردية .. أي جمال تراه هنا وما سيأتي بعده لن يكون أفضل مما قبله إن لم يكن أسوأ .. تنهدت تنهيدة طويلة قبل أن أحاول جاهدا" تعديل مزاجه ولكن دون جدوى وافترقنا ...
وبعد عدة أيام التقيته على سطح بيته في ساعة الغروب فقال لي وماذا يقول لك هذا المشهد اليوم لتخبرني به أيها الحالم السعيد .. وهنا تنهدت أيضا" تنهيدة عميقة ملأت بها رئتيَّ مما بقي من أكسجين النهار قبل أن أقول له : يا له من مشهد يأخذ بالألباب والعيون ترنو إلى الشمس وهي تعانق الجبل مودعة ولسان أشعتها اللازوردية يقول : سأعود غدا" وسأكون أجمل وكذلك كل ما سيغتسل بضيائي من ساعة الشفق إلى ساعة الغسق .. وهنا قال لي صديقي وقد رآني أسبح في فلك هذه اللوحة الخلابة بشغف : متى ستفيق من غيبوتك وتعود إلى واقع يقول : لم يذهب يوم أسود إلا وما جاء بعده كان أكثر سوادا" وحلكة .. ثم نظر إلي وأنا أبتسم ابتسامة أمل ورضا ،وضرب كفا" بكف لما ظنه بي من جنون .. ثم قال لي مستنكرا" : قل لي من أين يأتيك كل هذا التفاؤل والأمل ؟ فقلت له : إنه الحب يا صديقي .. أجل هو الحب الذي يجعل كل ما حولك جميلا" مبشرا" بكل ما هو أجمل ..
فإذا أحب أحدنا يجد نفسه ينهض مع الفجر بقلب مجنح ليستقبل شاكرا" يوما" جديدا" في الحب ثم يخلد إلى النوم وقلبه يسبح في فلك من يهوى
وقلت له بكل هدوء وثقة
كلنا - يا صديقي محتاجون للحب
الحب جزء من الطبيعة البشرية مثل الأكل والشرب والنوم ..
وأحيانا" قد تجد نفسك وحيدا" تماما" تتأمل منظر الغروب الجميل ومنظر الشروق الأجمل بل حتى منظر البحر الزاخر والنهر الوافر والروض الزاهر والسهول الخضراء والجبال الراسخة وتفكر ؛ هذا الجمال لا قيمة له لأن أحدا" لا يشاركني إياه .
ولأن كلا" منا يعرف الآخر كما يعرف نفسه .. أضفت وبكل صدق وشفافية مع رفيق العمر وتوأم الروح :
في أوقات كهذه يجب أن تسأل نفسك : كم مرة كان مطلوبا" منك أن تحب وهربت ، أو أهملت النداء رغم صدقه ، بل كم مرة غشيك الحب بجماله وعطره فآثرت الانسحاب استجابة لوساوس كبريائك ..
كم مرة خفت وتوجست أن تعيش صفاء الحب مع من أحبك بصدق وأن تتمسك به إكراما" له وللحب الذي لم يمنحه لغيرك ..
ولأنني أؤمن بأنه ؛ جميل أن يكون لي قلب أنا صاحبه لكن الأجمل أن يكون لي صاحب أنا قلبه .. قلت لصاحبي هذا :
إياكَ والكبرياء في الحب !
إدمانه خطر كالمخدرات ، بل هو أخطر والأخطر .
إذا كان منظر الشروق وكذلك منظر الغروب لم يعد له معنى بالنسبة لك ، فتواضع ..
فكر جيدا" ولا تهمل نعيم حبٍّ ساقه الله إليك ..
ولتعلم أنه كلما قويت إرادتك وزاد استعدادك للحب ، سيزداد ما تلقاه في المقابل ..
بقلمي
عمر ضاهر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق